إنت ما بتشوف؟

قال جبران خليل جبران: إن كنت لا ترى إلا ما يعكسه الضوء .. و إن كنت لا تسمع إلا ما يردده الصدى .. فأنت لا تسمع و لا ترى .. و مثله قال شاعرنا الفيتوري: غافل من ظن أن الأشياء هي الأشياء.

حقيقة إن إرجاع البصر كرتين و أكثر يتيح للرائي عمقا في الرؤية و اندياحا في التلقي لا تتوفر لذوي الرؤية العجلى و النظرة العابرة .. السؤال هو هل نعتبر مجرد وقوع البصر على الأشياء رؤية؟ و إن تكن فبأي عمق و بأي تغذية راجعة؟ هل نستصحب رؤيتنا تلك و نسقطها على تجاربنا المستقبلية أم نظل نتعثر عليها بدلا من أن نجعلها سلما نرتقيه؟ ما الذي تراه حين تنظر إلى شجرة؟ لا تقل لي ظلا .. ثمرا ..وردا .. أفرعا .. ساقا و أوراقا! قف .. تأمل ..و شوف تاني .. هناك جمال .. خضرة .. شموخ .. صبر .. عطاء .. دفء .. حياة .. و آخر كثير دون أن نستثني الحطب و الرماد! ستعرف المعنى الكامل للشجرة عندما تراها – بعمق طبعا – ممدة ذابلة .. الفراغ الذي خلفته تلك الشجرة المقطوعة هو معناها الذي أضعنا .. دعونا نرى ذواتنا بذات الرؤية الثانية للشجرة ... حتما سنقف على كثير جدا من القيم المخبوءة فينا وراء أثوابنا و قسمات وجوهنا .. إن تحررت تلك القيم من سجن الرؤية الضيقة فستكون الحياة بلا شك أجمل و عندها فقط لن نكون عبئا عليها و لكن نستحق أن نحياها و نبادل عطاءها بعطاء و سنجد من قلوبنا مساحات من الحب تسع الجميع بلا ضجر ..و البفتح لي قلبو مرة أقول ليهو خلاص أنا قلبي سلمتو ليك...